إن تحقيق هدف الإعمال الكامل لحقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يستلزم استثماراً في تعزيز القوانين والسياسات الوطنية، وتغيير التصورات والخطابات العامة، وتوطيد أواصر التعاون والحوار. ويسعى المكتب الإقليمي إلى الإسهام في التحولات الهيكلية والقانونية اللازمة لوضع تصميم مفاهيمي للنُهُج المرتكزة على حقوق الإنسان ومناقشة هذه النُهج وتكريسها في القوانين والمؤسسات والممارسات.
وتواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات جسيمة، منها تفشّي النزاعات المسلحة، واتّساع رقعة التطرف المصحوب بالعنف، فضلاً عن انتشار انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وتأصُّل التمييز ضدّ بعض فئات المجتمع. كما ترزح المنطقة تحت وطأة صراعات/نزاعات قديمة العهد، مثل الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ عربية. وما برحت انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية والعراق وفلسطين وليبيا واليمن تقوّض حالة حقوق الإنسان في المنطقة ككل، ما يؤثّر على البلدان التي يشملها المكتب الإقليمي.
وعلى صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تعاني المنطقة برمّتها من لا مساواة متعددة الأوجه تستدعي استجابةً فعّالة. فتعذُّر حصول سكان المنطقة على الخدمات الأساسية وممارسة التمييز بحق فئات محدّدة من المجتمع، منها المرأة والشباب والمهاجرون والأقليات الإثنية والدينية، لا يزالان يمثّلان مصدر قلق جدّي ويتطلّبان تغييرات عاجلة في القوانين والسياسات والممارسات. ولا تزال الحكومات والمؤسسات الأمنية تتذرّع بحجج أمنية لتبرير ممارساتها الترهيبية وأعمال الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي تستهدف المعارضين السياسيين، والإعلاميين، وناشطي المجتمع المدني. ولا تزال عقوبة الإعدام تُطبَّق على نطاق واسع في المنطقة، ولا يزال عدم احترام معايير المحاكمة العادلة وعجز المواطنين عن الاحتكام فعلياً إلى القضاء يُفاقمان ظاهرة الإفلات من العقاب. كذلك، ما برحت أعداد كبيرة من النازحين والمهاجرين وعديمي الجنسية بحاجة إلى الحماية في العديد من البلدان.